فصل: باب إقرار الوارث بالعتق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.باب إقرار الوارث:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِآخَرَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ، وَلَا شَيْءَ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً فَوَصِيَّةُ الْمَشْهُودِ لَهُ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ وَوَصِيَّةُ الْمُقَرِّ لَهُ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ لَهُ وَمَحَلُّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ.
وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ مُسْتَحَقًّا لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَبْقَ لِلْمُقَرِّ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِالثُّلُثِ وَصِيَّةً وَالِاسْتِحْقَاقُ بِالْوَصِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَحِلِّهَا قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ: أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ لَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ إبْطَالَ اسْتِحْقَاقِهِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ لَا بَلْ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِقَامَةِ الثَّانِي مَقَامَهُ وَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ وَمَا بَقِيَ الثُّلُثُ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ لَا يَمْلِكُ الْمُقِرُّ إيجَابَهُ لِغَيْرِهِ فَإِقْرَارُهُ لِلثَّانِي صَادَفَ مَحَلًّا هُوَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِهِ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهِ.
قَالَ وَلَوْ أَقَرَّ إقْرَارًا مُتَّصِلًا فَقَالَ: أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ، وَأَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ جَعَلْتُ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَكَ الثَّانِيَ مَعَ الْأَوَّلِ فِي الثُّلُثِ وَالْعَطْفُ لِلِاشْتِرَاكِ، وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُتَّصِلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إذَا كَانَ فِي آخِرِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ يَتَوَقَّفُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ وَيَصِيرُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمَا مَعًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ مُتَّصِلًا؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ الْمُغَيِّرَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ يَصِحُّ مَوْصُولًا لَا مَفْصُولًا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِقْرَارِ قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ حَتَّى يَدْفَعَ مِثْلَهُ إلَى الثَّانِي، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي أَقَرَّ أَنَّ الثُّلُثَ كَانَ مُسْتَحَقًّا لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَقَدْ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِاخْتِيَارِهِ فَصَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْمَدْفُوعِ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ كَالْقَائِمِ فِي حَقِّهِ فَلَزِمَهُ دَفْعُ مِثْلِهِ إلَى الثَّانِي، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَ دَفَعَهُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ لِلثَّانِي شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَا اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ الدَّفْعَ كَانَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَمَحَلُّ الْوَصِيَّةِ تَعَيَّنَ فِيمَا قَضَى بِهِ الْقَاضِي لِلْأَوَّلِ فَيَكُونُ هُوَ شَاهِدًا لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ.
وَالشَّاهِدُ إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَهُنَاكَ هُوَ الَّذِي دَفَعَ بِنَفْسِهِ فَكَانَ مُسْتَهْلِكًا، وَتَعْيِينُهُ فِي حَقِّ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الثَّانِي كَأَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ فِي يَدِهِ عَلَى حَالِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةِ أَلْفٍ بِعَيْنِهَا، وَهُوَ الثُّلُثُ، ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالثُّلُثِ، ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْقُدُ الْأَلْفَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ، وَالْمَالُ فَارِغٌ عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي يَتَعَيَّنُ الْمَدْفُوعُ إلَى الْأَوَّلِ مَحَلًّا لِلْوَصِيَّةِ، وَلَا يَكُونُ لِلثَّانِي عَلَى الْوَارِثِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ فِي يَدِهِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْوَارِثَ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي كَانَ شَاهِدًا لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَا مُقِرًّا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَشَهَادَةُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ جَائِزَةٌ كَمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ بَلْ عَلَيْهِ فِيهَا ضَرَرٌ.
قَالَا: وَإِذَا شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِالثُّلُثِ فَدَفَعَا ذَلِكَ إلَيْهِ، ثُمَّ شَهِدَا إنَّمَا كَانَ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ، وَقَالَا: أَخْطَأْنَا فَإِنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ تَمَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَعْمَلُ رُجُوعُهَا فِي حَقِّهِ، وَهُمَا ضَامِنَانِ لِلثُّلُثِ يَدْفَعَانِهِ إلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا صَحِيحٌ، وَقَدْ أَقَرَّا أَنَّهُمَا اسْتَهْلَكَا مَحَلَّ حَقِّ الثَّانِي بِالدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ فَكَانَا ضَامِنَيْنِ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُونَا دَفَعَا شَيْئًا أَجَزْتُ شَهَادَتَهُمَا لِلْآخَرِ، وَأَبْطَلْتُ وَصِيَّةَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ مَا ثَبَتَ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ، وَقَدْ شَهِدَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَوَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمَا خِلَافَ الْأَوَّلِ فَقَدْ صَارَا ضَامِنَيْنِ هُنَاكَ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا قَصَدَا بِشَهَادَتِهِمَا لِلثَّانِي إسْقَاطَ الضَّمَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةً وَالْمَالُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَأَخَذَ كُلُّ إنْسَانٍ أَلْفًا، ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمْ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَجَحَدَ الْآخَرَانِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْطِيه ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يُعْطِيهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْمُقِرَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَإِذَا كَانَا اثْنَيْنِ فَالْمُقِرُّ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ فِي التَّرِكَةِ وَحَقَّ الْمُقِرِّ لَهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَهُ الثُّلُثُ وَصِيَّةٌ وَالثُّلُثَانِ بَيْنِي وَبَيْنَ آخَرَ نِصْفَانِ، وَإِذَا كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُمَا سَوَاءٌ يَقْسِمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ أَقَرَّا بِأَخٍ آخَرَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّ حَقَّ الْجَاحِدِ فِي ثُلُثِ الْمَالِ، وَقَدْ أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ فَمَا أَخَذَهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ كَالتَّاوِي فَلَا يَكُونُ ضَرَرُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُقِرُّ يَزْعُمُ أَنَّ لِلْمَقَرِّ لَهُ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا، وَحَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَحَقِّي فِي سَهْمَيْنِ فَيَجْعَلُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْجَاحِدَ مَعَ مَا أَخَذَ يُجْعَلُ كَالْمَعْدُومِ، وَكَأَنَّ جَمِيعَ التَّرِكَةِ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ، وَهُوَ الْوَارِثُ، فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الثُّلُثَ إلَى الْمُقِرِّ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّا لَوْ أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ فَأَمَرْنَاهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ الِابْنُ الْآخَرُ بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ أَيْضًا فَيُؤَدِّي إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي نِصْفِ الْمَالِ، وَالْوَصِيَّةُ لَا تَنْفُذُ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ؛ فَلِهَذَا أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَالُ أَلْفًا عَيْنًا، وَأَلْفًا دَيْنًا عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَقَرَّ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى لِهَذَا بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفِ ثُلُثَهَا، وَكَانَ لِلْمُقِرِّ ثُلُثَاهَا؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّ حَقَّ الْمُقَرِّ لَهُ فِي ثُلُثِ كُلِّ أَلْفٍ، وَكَانَ مَنَعَهُ الِابْنُ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ فِي الدَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِنْ الْعَيْنِ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيهِ ثُلُثَ الْعَيْنِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَفِي الْقِيَاسِ يُعْطِيهِ نِصْفَ ذَلِكَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ.
وَلَوْ كَانَ الْمَالُ كُلُّهُ عَيْنًا فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، ثُمَّ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِيَالِهِ الرَّجُلَ غَيْرَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ أَحْسَنُ مِنْ الْقِيَاسِ، وَأَنَّ الْقِيَاسَ فِي هَذَا فَاحِشٌ قَبِيحٌ يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ بِهِ يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيذ الْوَصِيَّة ةِ فِي نِصْفِ الْمَالِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمَيِّتَ لَوْ تَرَكَ امْرَأَةً وَابْنًا فَأَخَذَتْ الْمَرْأَةُ الثُّمُنَ، ثُمَّ أَقَرَّتْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِالثُّلُثِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ لَهُ يَأْخُذ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهَا.
وَلَوْ أَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ لَكَانَ يَأْخُذُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَحَقُّهَا فِي وَاحِدٍ، وَهُوَ ثُمُنُ مَا بَقِيَ فَبِهَذَا وَنَحْوِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْقِيَاسِ هَهُنَا قَبِيحٌ قَالَ: وَلَوْ تَرَكَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَاقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَاضِرِ بِوَصِيَّةٍ بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ عَلَى السَّوَاءِ فَأَخَذْنَا بِالْقِيَاسِ هَهُنَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ هَهُنَا وَصِيَّةُ الْمَشْهُودِ لَهُ ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ حَتَّى إذَا رَجَعَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَاهُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَلَا يُجْعَلُ هُوَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ كَالْمَعْدُومِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ.
يُوَضِّحُهُ: أَنَّ هَهُنَا لَوْ أَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ أَيْضًا عَلَى الْغَائِبِ، ثُمَّ اجْتَمَعَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا إلَّا الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَا يُؤَدِّي هَذَا إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِوَصِيَّةٍ لِرَجُلٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ بِعِتْقٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الدَّيْنِ جَمِيعُ التَّرِكَةِ، وَقَدْ بَقِيَ فِي يَدِهِ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ، وَأَصْلُ هَذَا الْفَرْقِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ فَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ إقْرَارِهِ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ فَارِغٌ حِينَ الْإِقْرَارِ لَهُ، إنَّمَا أَقَرَّ لِلثَّانِي وَالْمَحَلُّ مَشْغُولٌ بِحَقِّ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ الْمَحَلُّ مِنْ حَقِّ الْأَوَّلِ كَالرَّاهِنِ إذَا أَقَرَّ بِالْمَرْهُونِ لِإِنْسَانٍ فَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ اسْتَوَيَا؛ لِأَنَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ، وَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ: لِفُلَانٍ كَذَا مِنْ الدَّيْنِ وَلِفُلَانٍ كَذَا مِنْ الْوَدِيعَةِ، الْوَدِيعَةُ بِعَيْنِهَا، وَهُوَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ أَقَرَّ هُنَاكَ بِدَيْنٍ شَاغِلٍ لِمَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَكُونُ هَذَا بِمَعْنَى إقْرَارِهِ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ فَكَأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهَا بِتَقْدِيمِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ عَلَيْهَا، وَالْإِقْرَارُ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ، وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنَيْنِ فِي كَلَامٍ مَوْصُولٍ، إنْ بَدَأَ الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ بِالدَّيْنِ بُدِئَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا، وَلَا دَيْنَ هُنَاكَ فَصَارَتْ عَيْنُهَا مُسْتَحَقَّةً لِلْمُقَرِّ لَهُ، ثُمَّ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لَا فِيمَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَرِكَتِهِ.
وَإِذَا أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ بِوَدِيعَةٍ أُخْرَى بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْعَيْنَ بِنَفْسِهِ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ، وَالْإِقْرَارُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّيْنَيْنِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ ثُبُوتِ الدَّيْنَيْنِ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّرِكَةِ فَكَانَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ، وَهَهُنَا لَيْسَ مُوجِبَ ثُبُوتِ الْوَدِيعَةِ بِأَعْيَانِهِمَا الشَّرِكَةُ بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُمَا فِي شَيْءٍ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ مَا أُقِرَّ لَهُ بِهِ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ فَلِهَذَا كَانَ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْقَطِعُ فِي هَذَا سَوَاءً حَتَّى إنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِوَدِيعَتَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا فَهُوَ وَالْإِقْرَارُ بِدَيْنَيْنِ سَوَاءٌ.
قَالَ: وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ لَزِمَهُ فِي نَصِيبِهِ جَمِيعُ الدَّيْنِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ، فَإِنَّا نَجْعَلُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْجَاحِدَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ كَالْمَعْدُومِ، وَكَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْمُقِرُّ، وَالتَّرِكَةُ مَا فِي يَدُهُ.
وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ مِمَّا فِي يَدِهِ إذَا كَانَ يَفِي بِذَلِكَ، وَلَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ بِالْوَصِيَّةِ إلَّا الثُّلُثَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ.
وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا، فَقَالَ: هَذِهِ الْوَدِيعَةُ لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ: هِيَ لِفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ مَا سَكَتَ وَلِفُلَانٍ مَعَهُ فَإِنَّهَا لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ الرُّجُوعَ عَنْهُ، وَلَا الْإِشْرَاكَ لِغَيْرِهِ فِيهِ.
وَلَوْ قَالَ: هِيَ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهَا كَانَتْ لِهَذَا الْآخَرِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلثَّانِي مِثْلَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا بِالدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ بِزَعْمِهِ، وَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَهْلِكٍ شَيْئًا، إنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ، وَقَدْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا شَيْئًا.
قَالَ: وَلَوْ قَالَ: أُوصِي إلَى هَذَا بِالثُّلُثِ وَلِهَذَا عَلَى أَبِي دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْمَالِ أَجَزْتُ الدَّيْنَ، وَأَبْطَلْتُ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَفِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ أَوَّلِ كَلَامِهِ اسْتِحْقَاقُ الْمُقِرِّ لَهُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ فِي الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا، وَمُوجِبُ آخِرِ كَلَامِهِ أَنْ يَكُونَ اسْتِحْقَاقُ الْوَصِيَّةِ مُؤَخَّرًا عَنْ الدَّيْنِ، وَالْبَيَانُ مُعْتَبَرٌ صَحِيحٌ إذَا كَانَ مَوْصُولًا (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُوصِي إلَى فُلَانٍ بِالثُّلُثِ، وَأُعْتِقُ هَذَا الْعَبْدَ، وَهُوَ الثُّلُثُ صَدَّقْتُهُ فِي الْعِتْقِ، وَأَبْطَلْتُ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا بَيَانٌ مُعْتَبَرٌ فَالْعِتْقُ الْمُنَفَّذُ مُقَدَّمٌ فِي الثُّلُثِ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا، إنْ فَصَلَ مِنْ الْإِقْرَارَيْنِ أَجَزْتُ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَصِحُّ مَفْصُولًا فَيَبْقَى مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ، وَقَدْ فَسَدَ رِقُّ الْعَبْدِ بِإِقْرَارِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ السِّعَايَةِ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لِفُلَانٍ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَجَازَهُ بَعْدُ مَوْتِ أَبِيهِ، ثُمَّ مَاتَ الْوَارِثُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهُ الْمُوصَى لَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ يُبْدَأُ بِهَا مِنْ مَالِ أَبِيهِ قَبْلَ دَيْنِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالْإِجَازَةِ كَالْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي ذَلِكَ حِينَ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ وَاسْتِحْقَاقُ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ إجَازَةِ الْوَارِثِ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْمُوَرِّثِ فَتَمَّ اسْتِحْقَاقُهُ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ بِهِ، ثُمَّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ إنَّمَا يَشْغَلُ تَرِكَتَهُ لَا مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِعَيْنِهِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ قَدْ اسْتَهْلَكَ مَالَ أَبِيهِ فَهُوَ دَيْنٌ فِيمَا تَرَكَ الْوَارِثُ يُحَاصُّ صَاحِبُهُ صَاحِبَ دَيْنِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ مَا اسْتَهْلَكَهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، ثُمَّ بِدَيْنٍ، ثُمَّ مَاتَ تَحَاصَّ الْغُرَمَاءُ فِي تَرِكَتِهِ قَالَ: وَإِذَا شَهِدَ وَارِثَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ جَازَتْ وَشَهَادَتُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ أَقَرَّا، وَلَمْ يَشْهَدَا بِالْحِصَّةِ فَشَهَادَتُهُمَا فِي نَصِيبِهِمَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُمَا بِدُونِ صِفَةِ الْعَدَالَةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمَا، إنَّمَا هِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُقَالُ إذَا شَهِدَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَهُمَا عَدْلَانِ فَهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي إخْرَاجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ لَزِمَهُمَا فِي نَصِيبِهِمَا خَاصَّةً، وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ يَتَأَتَّى هَذَا الْإِشْكَالُ فَإِنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَوْ أَقَرَّا لَمْ يَلْزَمْهُمَا إلَّا مِقْدَارُ حِصَّتِهِمَا، إنَّمَا هَذَا الْإِشْكَالُ فِي الدَّيْنِ، وَمَعَ هَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُمَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ نَصِيبِهِ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ فِي إخْرَاجِهِمَا الْكَلَامَ مَخْرَجَ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ شَهِدَا، وَهُمَا عَدْلَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَعَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ أَجَازُوهَا بَعْدَ الْمَوْتِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجُرَّا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ إلَى أَنْفُسِهِمَا شَيْئًا.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِهَذَا الرَّجُلِ، وَشَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ لِهَذَا وَجَعَلَهُ لِهَذَا الْآخَرِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا شَيْئًا.
وَلَوْ لَمْ يَشْهَدَا عَلَى الرُّجُوعِ، وَلَكِنْ شَهِدَا بِالثُّلُثِ لِلْآخَرِ تَحَاصَّا فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهَا فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حَقِّهِمَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحِقُّ لِلثُّلُثِ عَلَيْهِمَا وَاحِدًا أَوْ مَثْنَى.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا الْأَجْنَبِيِّ، وَشَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ؛ لِهَذَا الْوَارِثِ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَالثُّلُثُ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَجْنَبِيِّ الثُّلُثَ سَبَبُهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِيهِ فَشَهَادَتُهُمَا عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَبِدُونِ الْإِجَازَةِ لَا مُزَاحَمَةَ لِلْوَارِثِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ.
قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَجَعَلَهَا لِهَذَا الْوَارِثِ، وَأَنَّهُمَا مَعَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ قَدْ سَلَّمُوا لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَوَّلِ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا تُقْبَلْ شَهَادَةِ الْوَارِثِينَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوَرَثَةَ بِالْإِجَازَةِ قَدْ أَخْرَجُوا الثُّلُثَ مِنْ حَقِّ أَنْفُسِهِمْ فَهَذِهِ شَهَادَةٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ لِلثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ التُّهْمَةُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ وَجْهُ قَوْلِهِ الْآخَرِ: أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ عَلَيْهِمَا فَهُمَا يُبْطِلَانِ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقَ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ فَيُتَّهَمَانِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِ لِلثَّانِي مَعَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى يَكُونَ تَحْوِيلًا مِنْ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلْأَوَّلِ ثَابِتٌ مِنْ غَيْرِ إجَازَتِهِمْ، وَالِاسْتِحْقَاقُ لِلثَّانِي لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِجَازَتِهِمْ وَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلثَّانِي مَعَ إجَازَتِهِمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: لَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ مُعْتَمِدًا عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِهَا لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ.

.باب إقرار الوارث بالعتق:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ وَارِثًا وَاحِدًا وَثَلَاثَةَ أَعْبُدَ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَقَالَ: ذَلِكَ الْوَارِثُ أَعْتَقَ أَبِي هَذَا فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ قَالَ: بَعْدَ ذَلِكَ لَا بَلْ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ هَذَا فَإِنَّهُمْ يُعْتَقُونَ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ كُلُّهُ إذْ لَيْسَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الثُّلُثِ، ثُمَّ بِالْكَلَامِ الثَّانِي رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ، وَأَقَرَّ لِلثَّانِي وَرُجُوعُهُ بَاطِلٌ وَلَكِنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ الْأَوَّلَ بِإِقْرَارِهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْقَائِمِ فِي حَقِّهِ فَيُعْتَقُ الثَّانِي كُلُّهُ بِإِقْرَارِهِ وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ، إنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَصِيَّةً وَدَفَعَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ فَنَفْسُ الْإِقْرَارِ بِهِ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ فِي الْمَالِ.
وَلَوْ قَالَ فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ: أَعْتَقَ أَبِي هَذَا وَهَذَا، وَإِذَا سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ أَوَّلِهِ فَيَتَوَقَّفُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُمْ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَقَالَ: أَعْتَقَهُمْ الْمَيِّتُ فَيُعْتِقُ ثُلُثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ.
وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقَ أَبِي هَذَا، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا عَتَقَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ وَنِصْفُ الثَّانِي وَثُلُثُ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثُّلُثِ لِلْأَوَّلِ فِي الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَيُعْتَقُ كُلُّهُ، ثُمَّ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي أَقَرَّ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ نِصْفَانِ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ لِلثَّانِي بِنِصْفِ الثُّلُثِ صَحِيحًا فَيُعْتَقْ نِصْفُهُ وَإِبْطَالُهُ اسْتِحْقَاقَ الْأَوَّلِ فِي النِّصْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ يُجْعَلُ هُوَ فِي حَقِّ الثَّانِي كَالْمُسْتَهْلِكِ لِذَلِكَ النِّصْفِ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي الْكَلَامِ لِلثَّالِثِ أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثٌ فَيَصِحُّ إيجَابُ الثُّلُثِ لِلثَّالِثِ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْ شَيْءٍ عَمَّا أَوْجَبَهُ لِلْأَوَّلَيْنِ بَلْ يُجْعَلُ هُوَ كَالْمُسْتَهْلِكِ لِمَا زَادَ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّ الْأَوَّلَيْنِ فِي حَقِّ الثَّالِثِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا فِي مَرَضِهِ، وَهُوَ الثُّلُثُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ، وَهُوَ الثُّلُثُ فَاَلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ حُرٌّ وَيَسْعَى الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ فِي قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَقَدْ صَارَ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ كُلُّهُ لِلَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ دَبَّرَ هَذَا الْعَبْدَ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: وَأَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يُعْتَقُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَيُعْتَقُ مِنْ الْآخَرِ نِصْفُ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالتَّدْبِيرِ لَهُ وَإِقْرَارَهُ بِالْعِتْقِ فِي مَرَضِهِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُعْتَقُ كُلُّهُ، وَأَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ الثَّانِي نِصْفُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْوَارِثِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ هَذَا، وَهُوَ يُنْكِرُ أُخِذَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ مِنْ إقْرَارِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ وَلَوْ عَايَنَا إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ كُلُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلٌ، وَالْقَوْلُ فِيمَا يُعَادُ، وَيُكَرَّرُ وَحُكْمُ الْإِقْرَارِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ وَاحِدٌ فِي حَقِّهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْ الْإِقْرَارِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فَهَذَا قِيَاسُهُ.